الصلاة المقبولة

الصلاة المقبولة

الصلاة هي زاوية مثلث في حياتنا وأعني به الترانيم والوعظ والصلاة


ومتى صليت فلا تكن كالمرائين، فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع، لكي يظهروا للناس. الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم، وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك، وصل إلى أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية. (مت6 5-6)

 الصلاة المقبولة




وأساس وجود الحياة الروحية في المؤمنين، والعنصر الضروري الوحيد في انتشار الإنجيل وامتداد ملكوت المسيح.

وهي أيضا الوسيلة الفعالة في نيل احتياجاتنا من الله بشرط ان تكون هذه الاحتياجات موافقة لإرادته الأبوية، آيلة لخيرنا الروحي ولتمجيد اسمه الكريم، وهي التي تبعث القوة واليقظة الروحيتين في حياة الأفراد والكنائس والجماعات، فبالصلاة يتقوى الضعيف، ويرجي البائس، وتتهدم أسوار التعصبات، وتكم أفواه الأسود، ويتحول لهيب النار المتقدة بردا وسلاما، وتعمل الأعمال الخارقة للطبيعة، وبواسطتها يتصل الأنسان بإلهه. الأنسان الذي لقب بالحيوان المصلي كما لقب بالحيوان الناطق، فالصلاة هي جزء من وجودنا ولا نستطيع ان نحيا حياة روحية صحيحة بدونها، وهي التي بواسطتها نعبر عن أمانينا واشتياقاتنا وحاجاتنا، وقد كان المسيح نفسه رجل الصلاة العجيب وعلمنا بمثله الصالح كيف ومتي يجب ان نصلي.

فالصلاة تعمل أعمالا عجيبة يجدر بنا الاطلاع على بعضها تمهيدا للموضوع وهي

أولا

الصلاة توجد فينا قوة سماوية أعظم بمراحل من جميع قوي الأرض، وذلك لأننا بواسطتها نعيش مع الله مصدر القوة، ونكون على اتصال دائم به.

وبقدر الوقت الذي نمضيه في الصلاة تأتي القوة.

وقد أوصانا السيد ان نصلي بلا انقطاع لكي نمتلئ بالإلهام الإلهي المتواصل.

فرجل الصلاة هو أقوى الرجال، والكنيسة المصلية هي أقوى الكنائس وأشدها نشاطا وحياة.

ثانيا

الصلاة تعكس ضياء المجد الإلهي علي حياة المصلي كما حدث لموسى علي جبل سيناء.

من القواعد المطردة أنك بقدر ما تعيش مع أحد الناس تزداد تشبها به، وينطبع الكثير من أخلاقه وسجاياه على حياتك.

فالتحدث مع الله، أو البقاء في ذلك المحيط المقدس ولو إلى مدة قصيرة في كل يوم يطرد من قلوبنا الميول الفاسدة والأفكار الشريرة، وينقي حياتنا من كل دنس وعيب، ويولد فينا روح الترفع عن الدنايا والموبقات، ويملانا بالميول السماوية المقدسة التي تدفع بنا إلى ممارسة الأعمال السماوية والمبرات.

ثالثا

الصلاة تجعل الأرض مكانا لائقا بسكني الأنسان المخلوق على صورة إلهه في البر والقداسة.

ذلك لأننا لو انتزعنا روح الصلاة من قلوب الناس لتحولت الأرض إلى مكان مملوء بالشر والفساد لا يليق بسكني أولاد الله فيه.

فللصلاة قوة علي جعل المستحيل ممكنا لان كلمة مستحيل غير موجودة في كتاب الله.

رابعا

الصلاة تعد قلوب المصلين لقبول البركات الروحية التي وعد بها المسيح جميع الذين يطلونها منه.

لان الموانع ليست من الله بل منا نحن كعدم وجود الشوق فينا اليها، أو كعدم استعدادنا لقبولها. وهذه الموانع لا تزول إلا بواسطة الصلاة والطلبة. وقد قال السيد اسألوا تعطوا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يفتح لكم.

من المحزن أيها الأحباء انه يوجد اليوم عدد غير قليل من الناس الذين مع معرفتهم عن فاعلية الصلاة يدعون انهم ليسوا في حاجه اليها. فيقول الواحد منهم صحتي جيدة وأسرتي بخير وثروتي كافية. فأية حاجه لي إلى الصلاة؟.

والجواب على هذا الاعتراض بسيط جدا أوضحه لكم في هذه القصة الصغيرة.

خطب أحد المشاهير في جماعة من المتعلمين عن عدم فائدة الصلاة ووجه إليهم السؤال التالي قائلا ولماذا يجب ان نصلي ولدي كل ما احتاج اليه؟.

فأجابه أحد الحضور ببساطة متناهية قائلا يجب ان تصلي لأنك بحاجه إلي روح التواضع. وهو جواب حكيم مفعم.

ان الله يطلب بساطة في حياتنا معه. ولكي تكون صلاتنا مقبولة لديه علينا ان نراعي في تقديمها الشروط التالية -

الشرط الأول ان تكون بمقتضي أحوال المصلي وشعوره واحتياجه

ونعني بهذا ان صلاة المحزون هي غير صلاة المبتهج، وصلاة المريض هي غير صلاة الصحيح الجسم وهلم جرا.

علينا ان نصلي بحسب الحال الذي نحن فيه وان نعرف احتياجاتنا ونذكرها.

الشرط الثاني ان تكون الصلاة صادرة عن قلب مملوء بالحرارة والتواضع والانكسار.

لان الله يهتم بروح الصلاة ويستجيبها إذا كانت صادرة عن قلب متواضع. وقف العشار بانكسار وقال بضع كلمات فقط اللهم ارحمني أنا الخاطئ. فكانت كافية ليستجيب له الله ويرجعه إلى بيته مبررا بخلاف الفريسي المتكبر الذي لم تكن صلاته إلا لتزيده بعدا عن الله وتماديا في خطيته وإثمه.

الشرط الثالث ان تكون صلاتنا مقرونه بالأيمان الصحيح والثقة الوطيدة بمحبة الله ومراحمه.

وقد قال السيد المسيح كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه. فالمرتاب لا تستجاب صلاته. أما المؤمن فبإمكانه ان يشق السحاب.

وما أجمل ما قالته إحدى النساء التقيات مرة عندما أصلي إلي الله اشعر ان لي أيمانا عظيما بهذا المقدار حتى إنني لو قلت لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك لأطاعني.

الشرط الرابع ان تكون صلاتنا بقيادة الروح.

وما اشد حاجتنا اليوم إلى قيادة الروح لنا في صلاتنا. ان النهضة الروحية العظيمة التي بدأت في إيرلندة وعمت الجزر البريطانية كلها ابتدأ بها أربعة شبان اجتمعوا معا في مدرستهم وصلوا إلي الله فانضم بعد مرور سنه واحدة من ذلك التاريخ عشرة آلاف عضو إلي الكنيسة.

واليقظة العظيمة التي حدثت في إسكتلندا بقيادة يوحنا لفنجستون تقدمتها صلاة حارة الليل بطوله فطلب الرب في اليوم التالي 500 نفس. وقبل ان ألقى ادوردس عظته النارية المؤثرة كانت جماعة غير قليلة من أبناء كنيسته تصلي في غرفة مجاورة. فصلوات لها مثل هذا التأثير لا يمكن ان تحدث بواسطة قيادة بشرية بل بقيادة روح الله.

الشرط الخامس ان تخرج الصلاة من قلب يكره الإثم ويمقت الخطية.

قال اشعياء النبي آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم، وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع. وقال صاحب المزامير ان راعيت إثما في قلبي لا يستمع لي الرب. ولا يحتاج هذا الشرط إلي زيادة إيضاح.

الشرط السادس ان نصلي باسم المسيح.

المسيح نفسه أوصي بذلك بقوله ان كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم. وهذا يعني ان نثبت فيه وهو فينا، وان نعيش معه ومن أجله، ولا يمكن ان تكون صلاتنا التي نرفعها إلي الله مقبولة لديه إلا يوم نردد ما قاله بولس عن اختبار عملي أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في.

الشرط السابع والأخير ان تكون صلاتنا بحسب إرادة الله.

وقد قال يوحنا ان طلبنا شيئا حسب مشيئته يسمع لنا. فعدم استجابة الله صلواتنا في غالب الأحيان هو لأننا نتقيد بمشيئتنا نحن وليس بمشيئته هو.

والمسيح في صلواته كان يقول ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت.

وذلك يعلمنا هذا الدرس الإلهي الذي لا غني لنا عنه في صلواتنا.

أعطنا يا الهنا روح الصلاة الحقيقية وعلمنا كيف يجب ان نصلي لكي تكون صلاتنا مقبولة لديك. آمين.

0/Post a Comment/Comments