أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ.
لاَ يَدَعُ الصِّدِّيقَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ. (مز 22؛55)
فَتَوَاضَعُوا تَحْتَ يَدِ اللهِ الْقَوِيَّةِ لِكَيْ يَرْفَعَكُمْ فِي حِينِهِ، مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ. (1بط 6:50)
الهموم-ألق على الرب همك فهو يعولك |
ما هي الهموم
أردت أن أكتب اليكم احبتى فى المسيح يسوع ففى أى موضوع أكتب ونحن نعيش فى عالم الهموم والأفكار كل منا أطلق العنان لفكره فلاحقته الهموم والأفكار وتكاثرت عليه المخاوف فالهموم يا عزيزى هى التفكير فيما سوف يحمله لنا المستقبل فى الأيام المقبلة وما سيحدث لنا وما سيكون علينا حالنا.
فإذا وجدت شخصا دائم الاكتئاب كثير الشكوى والتمرد ساخط على الحياة والمعيشة مكدر لصفو حياة عائلته معه مقتر فى مصروفه ناقم على كل شئ حوله فاعلم جيداً أن الأفكار قد كثرت عليه حتى تصور أنه لن يستطيع أن يحيا حياة سعيدة فى المستقبل قلق مما سيؤول إليه حاله فاستولت عليه الهموم.
نعم هذه هى الهموم أضطراب فى الحياة وتكدر فى المعيشة وتفكير متواصل فى أمور خارجة عن إرادتنا ولكن ألا لذلك أسباب إن أسباب الهموم كثيرة فى هذه الحياة العالمية وها أنا أسرد عليك:
أسباب الهموم
إن نظرة واحدة إلى عالمنا الواسع وجولة واحدة بين شعوبه المختلفة الالوان والاجناس وجلسة بين الناس ترينا جيداً أن أحاديث الجميع قد اتفقت على النطق بالقلق من المستقبل والخوف الذى استولى على الجميع من ذلك المستقبل المجهول وما أدرى لذلك سبباً سوى لأنهم قد حفروا لأنفسهم آباراً مشققة لا تضبط ماء وتركوا الله ينبوع المياة الحية والطفل إذا ترك أباه وسار فى مكان مظلم رهيب فإنه يصرخ خوفاً حتى ولو كان يعرف ذلك المكان.
وما أرى إلا الخوف سبباً للهموم والأفكار فكثيرون يخافون من العالم ويفكرون فى أحواله المضطربة المتقلبة وآخرون خائفون على أموالهم يتكالبون على جمعها ويطمعون دائما فى زيادتها و يكرسون فكرهم وجهدهم فى سبيل المحافظة عليها وكثيراً ما كانت الأموال سبباً فى الهموم ومجلباً للمتاعب لأصحابها فهل قرأت أو سمعت:
قصة ذلك الرجل الفقير الذى كان يعيش فى كوخه الحقير بجوار قصر أحد الأثرياء وكان يخرج كل صباح يردد أنغام السرور ويذهب إلى عمله نشطاً ويؤديه بجد خير أداء ويعود إلى منزله فى المساء وقد علت الابتسامات وجهه فيستقبله أولاده بالفرح والسرور ويحملون ما قد أحضره لهم من طعام داخل الكوخ ثم يلتفون حوله فى فرح وبهجة وبعد أن يأكلوا عشائهم يقضون الوقت فى ترنم جميل وترديد أنغام البهجة والسرور كانت هذه الحياة الجميلة مثار دهشة الغنى ففى يوم من الايام بينما هو يمر على باب الكوخ رأى الرجل يجلس بين أبنائه فى ألفة وسعادة كعادته فقال له قل لى كم تكسب فى اليوم وكيف تعيش فى سعادة وأنا أعلم أنك لا تملك شئ، فقال الرجل للغنى إنى أعمل طول يومى بجد واجتهاد وأعود لأولادى آخر كل يوم بما يكفيهم ولا أطمع فى أكثر من ذلك. فأخرج الثرى من جيبه صرة صغيرة ودفعها للرجل وقال له تاجر بهذا المال وأصرف منه أنت وبيتك. أخذ الرجل الصرة وهرع إلى الكوخ وهو يكاد يطير فرحاً ولكنه ماكاد يهدأ قليلاً حتى احتار أين يضع الصرة وكيف يحتفظ بها وماذا يفعل بهذه الثروة ولكنه قرر أن يطمرها فى حفرة داخل الكوخ حتى لا تصل إليها يد وعندما حل المساء جلس هو وأولاده يفكرون فى مالهم ولم يستطع أن ينام ليله وفى اليوم التالى لم يذهب إلى عمله ولكنه جلس بجوار الحفرة خوفاً من أن تمتد إليها يد لص وقضى عدة أيام لا يذهب إلى عمله ولكن يجلس بجوار الصرة يفكر طويلاً فتنتابه موجة الفرح والسعادة تارة ويستولى عليه القلق تارة أخرى فيفكر طويلاً أيتاجر بهذا المال فربما يخسر ويضيع منه أم يصرف منه فسوف يأتى اليوم الذى ينفذ فيه، انتابه القلق والخوف وتبدلت بهجته أفكاراً وسعادته هموماً وأوهاماً.
بعد مدة من الزمان رأى الغنى يمر بعيداً فأسرع إلى الصرة وحملها بين يديه ولحق بالغنى وقال له سيدى أرجو أن تأخذ مالك وتترك لى سعادتى فمن يوم أن دخل المال منزلى وأنا لا أنام الليل ولا يهدأ لى بال فى النهار وعاد الرجل كوخه وهو يشعر بارتياح عظيم، واستعاد عمله وسعادته.
وهكذا يا عزيزى كثيراً ما يكون المال سبباً للهموم والخوف على المال سبباً فى المتاعب.
وآخرون يخافون من الفشل فى مشروعاتهم، وغيرهم يخافون الأمراض وكثيرون يرهبون الموت فيمضون وقتهم تفكيراً فى تلك التي يخافون منها نهاراً ولا تهدأ جفونهم ليلاً لأن الهموم تستولى على الأعصاب.
هل أثقلت كاهلك الهموم حتى نفرت من الحياة؟
هل استولت عليك أفكار الدنيا حتى اتعبتك؟
هل تريد أن تحيا حياة سعيدة هانئة خالية من الهموم؟
انظر علاج الهموم أو:
هل تؤمن بوجود الله...؟!
هل تؤمن بقدرة الله...؟!
هل تؤمن بأن الله فى كل مكان...؟!
هل أقوالك وأفعالك تنطق بحبك لله...؟!
إذا كنت تؤمن بذلك وتعتقد به فلماذا تدع نفسك للهموم وتحسب حساباً للأيام المقبلة والمستقبل القريب والبعيد.
إذا كنت لاتؤمن فانظر جيداً وتحقق وتأمل فسوف تؤمن بوجود الله فى كل المسكونة وبقدرة الله على تسيير الأمور وترتيبها وقدرته على فك الأزمات وتفريج الكروب.
وإذا أمنت فاعمل جاهداً أن تجعل أعمالك وأقوالك تنطق بحبك لله وتمجيده واعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله.
وإذا كان الأمر كذلك فلماذا تفكر كثيراً حتى أنك لا تستطيع أن تختلى ولو بضع دقائق كل يوم بكتابك المقدس. إنه بعهديه يدعو بأن ترك أمور الحياة بلا تفكير فيها بل تركها لله يرتبها كما يرى هو سبيل السعادة والنجاح فان المر الذى يختاره لنا الله خير من الحلو الذى نختاره لأنفسنا لأن معرفتنا محدودة ولا نستطيع أن ننفذ بها إلى عمق أحكام الله.
قلت أن الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ينادى بالاتكال على الله فها هو داود النبي قديما يقول (إلق على الرب همك فهو يعولك).
وإذا تصفحنا العهد الجديد نجد بطرس الرسول وقد تعلم الاتكال على الله من أول نظرة ألقاها على يسوع حينما يقول له (تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئاً ولكن على كلمتك ألقى الشبكة) ويقول فى رسالته التى ضمنها اختباراته الروحية العميقة ونصائحه الخالصة (ملقين كل همكم عليه لانه يعتنى بكم) ويقول يعقوب الرسول (أنتم الذين لاتعلمون أمر الغد ما هي حياتكم إنها بخار يظهر قليلاً ثم يضمحل) ولماذا نذهب بعيداً ولا نسمع رب المجد حين يقول (تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم) ويقول أيضاً (لا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بما لنفسه يكفى اليوم شره).
فاعلم أخى الحبيب أن الله يعرف كل ما تحتاج إليه قبل أن تسأله فاطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم. تأمل الغربان لا تزرع ولا تحصد ولكن أبوكم السماوى يعولها.
عزيزي إذا كنت تريد أن تتخلص من الهموم فأقبل اليه وثق فيه غافراً لآثامك وفادياً لنفسك وكاتماً لأسرارك، تقدم الى سر الأعتراف وتخلص من أفكارك ووخزات ضميرك. تقدم إلى سر التقدمة وتناول من الأسرار المقدسة. تقدم ولا تخاف ولا تضطرب فأنت تؤمن بأنه قادر على كل شئ.
فاذا كنت تخاف من العالم فثق حبيبى جيداً أن يسوع قد غلب العالم بتواضعه وتضحيته ورحمته ومحبته وتسامحه.
إذا كنت تخاف على أموالك فاسمع ماذا يقول الكتاب (لا تكنزوا لكم كنزاً على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ أو حيث ينقب السارقون ويسرقون بل اكنزوا لكم كنوزاً فى السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً)، واقرأ أيضاً ما كتبه رسول الجهاد بولس الرسول (لتكن سيرتكم خالية من محبة المال لأنه قال لا أهملك ولا أتركك).
لماذا تخاف من الأمراض أو من الموت والله هو الشافى السقام ومحي العظام وأنت لا تستطيع وحدك أن تملك شيئاً من هذا.
أو لماذا تخاف الإخفاق أو الفشل مادمت مع الله ومادام هو معك فمن عليك، فان قامت الزلازل واضطربت الحياة أنه معك.
إذا أتيت بجوار الرب فى حضن العلى فلماذا تهتم أو:
علام الهموم؟
إننا إذا تركنا الهموم تستولى على أفكارنا فسوف تطغى الجسديات على الروحيات ويكون عندك جسدك الذى مصيره الفناء والتحلل أفضل من روحك التى ستبقى سعيدة أو مبتئسة بما تحمله معها من أعمال.
إذن فعلام الاهتمام بالجسد وأمورة؟!
سلم للرب طريقك وقلبك وحياتك وسر فى النور واستعد للقائه بعد أن ترمى همومك وآلامك جانباً تحت قدمى الفادى وإذا ما كنت كذلك فاعلم أن الله لن يتركك لتيار الحياة يجرفك أو لاضطرابات الحياة تفتك بك لن يتركك لعواصف الزمان وأهواله ولكنه سيسندك بيمينه فتخلص إذن فعلام الهموم؟
أخى لا تهتم إلا بما يستحق الاهتمام... هذه الدنيا بأشغالها وأعمالها لا تستحق منك الاهتمام بها إذا كنت تتطلع إلى المجد الأسمى فى الحياة الأبدية.
فسلم أمورك لله وانظر إلى فوق حيث الله شمس البر مبدد الظلمات المخيفة وشافى آلام الحياة المؤلمة المضطربة.
أطلب من الله جلت قدرته وتعالت عظمته وتمجد إسمه القدوس أن يبعد عنك الهموم العالمية والأفكار الدنياوية وتكون حياتك حياة الروح حياة القناعة لمجد اسم الرب يسوع الذى له المجد الدائم آمين.
سوف تتم حياتك بتشدداته واعتنائه بك وتسمع منه فى اليوم الأخير نعم أيها العبد الصالح والأمين ادخل إلى فرح سيدك.
موضوع رائع وتأمل جميل. بارك الله فى خدمتكم
ردحذفإرسال تعليق