الحياة قصة
جعلت آثامنا أمامك خفياتنا فى ضوء وجهك لأن كل أيامنا قد انفضت برجزك أفنينا سنينا كقصة. (مز 7:90)
وإنما نهاية كل شئ قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات. (1بط 7:4)
الحياة قصة
الحياة قصة أو مسرحية تمثل على مسرح هذا العالم، يختار كل مرئ فيها دوره على خشبة المسرح فيؤديه حسب ما يروق له يؤلف حواره ويتفنن فى إلقائه وسيأتى الوقت الذى تنتهى فيه هذه الرواية وتنتهي بذلك الحياة على ظهر هذا العالم ويحاسب كل شخص كيف قام بدوره وينال المحسن جزاء إحسانه ويتلقى المسئ عقاب إساءته.
هذه هي الحياة كما تصورتها أو كما تجسدت فى خيالى واعتقد أن هذا هو الوصف أو التعريف الصحيح لهذه الحياة التي سمعنا وقرأنا الكثير من الكتاب والمفكرين في وضعها وتعريفها وقد عرفت الحياة منذ القدم بأنها قصة ونجد ذلك فى قول موسى رجل الله قديماً أفنينا سنينا كقصة وقال عنها الوحي على لسان يعقوب الرسول أنها بخار إذ يقول ما هى حياتكم إنها بخار يظهر قليلا ثم يضمحل.
وإذا قرأنا أو سمعنا عن هذه الحياة نجد أن الكثيرين اتفقوا على أنها فرصة وزمن إذا مر فلا يعود أو يعوض فيجب اغتنامها واستغلالها الاستغلال الحسن لصالحنا فانها وسيلة يجب استعمالها حتى نصل للغاية المنشودة الحياة الأبدية.
فهل علمت ذلك أخى القارئ العزيز إذا كنت قد علمت ذلك فاعلم أيضاً جيدا أن الحياة أيام تشرق الشمس فى صبيحة اليوم لتغرب فى آخره، وإذا كنت تعيش الآن فى ضوء النهار فاعلم أن غيرك فى نفس الوقت يعانى ظلمات الليل وسوف يدور الفلك دورته ويأتى عليك الليل حتما فاستعد فى نهارك المشرق لاستقبال ليلك المظلم حتى تضمن بقاء السعادة لك فى الليل والنهار. وأما ما أعنيه من نهار وليل وما أريد أن أحدثك عنه بنعمة الله وإرشاد روحة القدوس استطيع أن أقوله لك فى أنك فى حياتك تعيش فى نهار وليل غير هذا الذى تعيش فيه وتحس به وأستطيع أن أقول أن النهار الأول من حياتك يأتى بعد أن تمر بك مرحلة الطفولة ألا وهى فجر الحياة لا تستطيع فيها أن تميز أضواء الخير وظلام الشر فانهما يكونان مختلطان فى هذا الوقت فجر حياتك وعندما تبزغ فيك أشعة المعرفة ويشرق عليك نور العلم فتتبدد منك ظلمات عدم المعرفة والجهل، تبدأ تعيش فى يومك الأول وتتمتع بنهار:
الشباب والصحة
الشباب هو ربيع العمر فيه تتفتح أزهار الأحلام وتنضج ثمار الآمال وتكمل العيدان فى قوة وفتوة وجمال وتزهو النفوس بما أوتيت من صحة وبهاء فتتملكها نشوة الحياة والسعادة وأمام أنواع الإغراء والفساد ينسى الشاب إلهه ويترك طريق الحق والحياة ويتطلع إلى صحته وقوته ويسير فى طرق هذا العالم الملتوية وما أن نسى الله وابتعد عنه حتى تتسلل اليه ديدان الخطيئة صغيرة لا يشعر بها فتكبر فيه وهو يتلذذ بها فتنخر قوام حياته وهو لا يدرى وتقوض أركان فخره وهو لاهى لا يعلم حتى تأتى على سعادته وتفنى كل ما يملك من صحة وقوة ومال وثراء فيقف على أعتاب الشيخوخة يعض بنان الندم ولكن لا ينفع الندم بعد زلة القدم.
لم يفت الكتاب المقدس عهد الشباب فخص الشباب بوصية أسداها لكل إنسان يذكر الخالق فى أيام الشباب وهو فى تمام الصحة وغاية القوة ومتى ملأ الخالق ذهن الشاب فانه يملك على حسه ووجدانه فلا ينصرف إلى شئ غيره فيقول الكتاب أذكر خالقك فى أيام شبابك قبل أن تأتى أيام الشيخوخة فتقول ليس لى فيها سرور ويقول أيضاً يا ابنى اعطنى قلبك ولتلاحظ عيناك طرقى وهذه هى غاية الراحة ومنبع السعادة أن تسلم القلب والفكر والحياة كلها وتكرسها لله فقط.
أخى الشاب لا تقل أننى فى عنفوان الصحة وفتوة الشباب فالموت بعيد عنى فها هو يوم نرى فيه كم شباب أقوياء أصحاء اختطفهم الموت فجأه دون أدنى إنذار.
اعلم يا عزيزى أن شمس الشباب لا بد أن تغرب وأنك لن تستمر فى هذه الحياة طويلاً.
لا تؤجل توبتك إلى غد ولكن تب الآن اليوم يوم خلاص والساعة ساعة مقبولة والفرصة سانحة للنجاة من عذاب النار والفوز بحياة النعيم فأغتنمها قبل أن تفلت منك.
لا تكن مثل ذاك الشاب الذى عزم على أن يتوب عن لهوه وعبثه ويكفر عما اقترفه من سيئات ويعيش فى حياة الطهارة والايمان ويرجع عن طريق الفساد والغواية ولكنه أخذ يؤجل موعد توبته من يوم لآخر وفى أسبوع عزم على أن يقضى يوم السبت فى ملهى ويذهب يوم الأحد إلى الكنيسة فيعترف ويتناول ويتقدس ويبدأ حياة جديدة وفى يوم السبت توجه إلى الملهى وأخذ مكانه بين الحضور ولم يمض زمن طويل حتى قامت مشاجرة تطورت إلى ضرب بالعصى والكراسى أصيب فيها الشاب إصابات بالغة لم يصل إلى المستشفى حتى توفى على الأثر وهكذا أجلت توبته إلى الأبد.
حبيبى الشاب إن الشباب معروف بنشاطه وحماسته وغيرته إذا ما أدى عملا أعجب به فلماذا تصرف حماسك ونشاطك وغيرتك فى غير ما ينفع كنيستك وأبناء شعبك.
إن إخوتك فى المسيحية فى حاجة منك إلى نظرة فيها محبة وتضحية كما أن الكنيسة فى حاجة منك إلى نظرة فيها اشتياق للخدمة والعمل وكذلك يسوع ينظر اليك ويطلب منك أن تنظره معلقاً على عود الصليب وفادياً لك فتكون سفيراً عنه بين الناس ونوراً يضئ فوق المنارة وليس تحت المكيال وتمتد يدك إلى كل محتاج وتسعى قدماك إلى كل متضايق ويتكلم لسانك ببشرى الخلاص وينبض قلبك بحب كنيستك وليرى الناس أعمالك الحسنه فيمجدوا أباك الذى فى السموات.
عزيزى الشاب لماذا لا تتوب وترجع إلى أبيك الذى يغفر لك كل آثامك وذنوبك على ألا تخطئ وتعود لخطيئتك إنه سيسعدك بأجمل الخيرات؟ لماذا لا تفتح له قلبك وتقبله إلها ومرشداً قبل أن يميل نهار شبابك وتغرب شمس صحتك وقوتك؟ لماذا تتخبط فى الظلام ولا تندفع فى طريق النور وتسلك فى خدمة كنيستك التى هزلت وأصبحت فى حاجة إلى تقوية وتعضيد منك أنت قبل أن يأتى اليوم الذى تقول فيه لا أستطيع أن أعمل؟
لماذا لا تفعل كل هذا وشبابك سوف ينتهى حتما إما بالشيخوخة أو بالموت وفى كلا الحالين لا تستطيع أن تخدم وتسعد بخلاصك؟
أخى القارئ العزيز إذا كان الشباب نهار يغيب ولا يعود فان هناك نهار آخر تؤذن شمسه بالمغيب ولا يدرى من يعيشون فيه إنه نهار:
السعادة الوقتية
جلس الغنى ينظر إلى كورته التى أخصبت ومحاصيله التى تكاثرت وثروته التى تضخمت نظر إلى كل هذا وهو يظن أن أسباب سعادته قد توافرت وقال فى شمم وعظمة أهدم مخازنى وأبنى أوسع منها وأقول لنفسى يا نفسى كلى وأشربى لكى خيرات كثيرة لسنين عديدة ولكن الصوت لم يمهله، صوت الحق صوت العدل صوت القصاص صوت الأعالى يناديه ياغبى الليله تؤخذ نفسك منك فالذى اعددته لمن يكون.
هذا المثل ضربه السيد المسيح لذلك الغنى الذى لم يعلم أنه ليس بالخبز وحده يحيا الأنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله. وما أرى هذا المثل إلا ويتكرر فى كل يوم أمام أعيننا فكم من غنى يموت تاركاً من الثروة مالا يعلم مصيرها إنه صوت يصرخ فينا كل يوم وفى كل جيل إنه صوت صارخ فى كل من يعيش ويحسب نفسه سعيداً وهو بعيد عن السعادة الحقيقية إنه صوت يصرخ فى كل من يجلس ليرتب الحياة كما يرى ويرسم الخطط كما يشاء إنه صوت يصرخ فى كل من يعيش فى لهو بين طيات السعادة الزمنية بعيداً عن السعادة الأبدية ولا يعلم أن نهار سعادته يميل وشمسه فى طريقها إلى الغروب.
فلماذا نعيش فى دوامة هذه التى نحسبها سعادة ونترك واهب السعادة الحقيقية والغنى الحقيقى؟
لماذا نقطن فى ظل السعادة الزائلة الدنياوية؟ ونحن نعلم أن الدنيا وما تهبه لا يبقى متقلب الأوضاع ونترك ونبتعد عن ذلك الأبدى الصامد الذى ليس عنده أدنى تغيير أو تقلب وكل ما يعطى هو دائم.
إننا نكرس كليتنا فى سبيل الحصول على سعادة تستنزف منا أموالنا وصحتنا دون أن نشعر وننسى السعادة الأبدية والمجد العظيم الذى ينتظر المؤمنين مالم تره عين ومالم تسمع به أذن ومالم يخطر على قلب بشر ما أعدده الله لمحبى إسمه القدوس ومن يحبه يسير فى طريقه ويحفظ وصاياه.
إننا نفرح بهذه السعادة الوقتية التى تسلبنا كل غال لدينا ونتوهم نحن أنها سعادة مع أنها كأس خارجها نظيف وجميل أولها حلو لذيذ ولكنها من الداخل قذرة ومؤذية وآخرتها مرارة وبؤس فلا تغرنك مناظرها الخلابة فهى سعادة زائفة.
إن كثيرين يجدون سعادتهم فى الخمر والمكيفات ودور اللهو والحانات والجرى وراء الفساد والغوايات ولا يعلمون عواقب هذه كلها المريرة فى هذه الحياة والتى تفقدنا الحياة الأبدية.
ألا يحق بنا أن نختار السعادة الحقيقية الدائمة ونقلع عما ندعى بأنه يجلب السعادة تلك السعادة الزائفة القليلة الأمد المريرة النهاية.
عزيزى القارئ إن هناك نهار شمسه تحتضر وتنذر بانتهائه فى كل وقت إنه نهار العظمة والمراكز العالمية.
يمكنك متابعة الموضوع من هنا العظمة والمراكز العالمية
يمكنك متابعة الموضوع من هنا العظمة والمراكز العالمية
إرسال تعليق