الطهارة الشخصية فى المسيحية

الطهارة الشخصية فى المسيحية




القانون الثانى لملكوت السموات فى الطهارة الشخصية


يقوم القانون الثانى لملكوت السموات على قانون موسى القديم إلا أنه يذهب بنا الى ابعد منه. فلقد كان لزاما على اليهودى أن يكون طاهرا في اعماله اذا ما اراد ان يحفظ قانون الطهارة، أما أولاد الله الذين ينضوون تحت راية ملكوت الله فعليهم أن يكونوا طاهرين فى الفكر والعمل إذا هم ارادوا ان يراعوا هذا القانون، لان الافكار منشأ الأعمال، والأفكار الرديئة هي كالأعمال الناجمة عنها شريرة فى نظر الله، وهذه الأفكار كلها تخرج من الداخل لان الرب قال " إن الذي يخرج من الإنسان ذلك ينجس الانسان لانه من الداخل من قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة زنى فسق، قتل.... جميع هذه الشرور تخرج من الداخل وتنجس الإنسان" (مر23-2:7)

يمكن مشاهدة مقدمة الموضوع من هنا ملكوت السموات وقوانينه

وبما ان الافكار الشريرة كامنة فى قلب الإنسان فلابد أن هناك والحمد لله خلاصا منها، إذ من الممكن أن تطهر قلوبنا بدم المسيح الثمين، إذا تبنا عن خطايانا واعترفنا بها لله مؤمنين بعمل المسيح الكفاري. وهكذا نخلص من هذه الافكار الشريرة، والميول الرديئة، والنوايا الخبيثة، بل اننا بصليب المسيح نستطيع ان نخلص من مجرد الرغبة فى الخطية.


أفكار الشر
أفكار الشر


"الأفكار الشريرة" و "أفكار الشر"


ولقد يكون مفيدا لنا ان نعرف الفرق بين "الأفكار الشريرة" و "أفكار الشر"، لأننا إن لم نعرف ذلك الفرق نكون عرضة بين حين وآخر الى ان نلوم أنفسنا ونحكم عليها ظنا منا اننا تعدينا هذا القانون في حين اننا لم نتعود."في الأفكار الشريرة" هى كما ذكرنا نوايا القلب وأغراضه التي تصدر من الداخل والتى قد تبدو فعلا فى شكل أعمال ظاهرة اذا اتيحت لها الفرصة، فهذه كلها كما رأينا خطية فى نظر الله. وأما "افكار الشر" مختلفة المنشأ اذ انها آتية من الخارج، فهى سهام الشرير الملتهبة، ويجب ان نعتبرها تجربة مصوبة إلينا.

وليست التجربة فى حد ذاتها خطية فإن أقدس القديسين معرضون للتجربة، وعندما كان ربنا المبارك نفسه يجرب على الأرض كان يجرب عن طريق الأفكار، فلقد اقترح الشيطان عليه مرة أن يلقى بنفسه من فوق جناح الهيكل، وان يحول الحجارة خبزا.
ويجب ان نعرف ان "أفكار الشر" كثيرا ما تهاجمنا ايضا فى صورة مقترحات يبديها العدو الشرير، فبينما نسير فى الطريق مثلا،أو مشاهدة صورة ما، اذا بهذه الافكار تهاجمنا عن طريق ما نراه وما نسمعه فليست هذه خطايا بل تجارب توجه إلينا. غير أن "أفكار الشر" هذه قد تصبح "أفكارا شريرة" وبالتالى خطايا، إذا ما رحبنا بها واسترسل فيها، فالشيطان يدأب على مهاجمتنا بأفكار الشر التي هي السم بعينه فإذا كانت قلوبنا مطهرة وقد أنقذنا دم المسيح وطهرنا فاننا لا نرحب بتلك الافكار عندما تهاجمنا ولا نعيرها التفاتا بل نستخدم " ترس الإيمان الذي به نستطيع ان نطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة". ولكن ما هو ترس الايمان ياتري؟
ليس هو الإيمان نفسه بل هو الشخص الذى يتعلق الايمان به أعني يسوع المسيح. ضع المسيح بينك وبين أفكار الشر وهو كفيل بان يطفئ كل سهام الشرير الملتهبة، وعندئذ تجد ان افكارك قد اتجهت الى مجرى آخر من تلقاء نفسها.
وهكذا نقرأ فى الفقرة الثانية من هذا القانون قوله " فان كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك.... وان كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها والقها عنك. لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يلقى جسدك كله فى جهنم"(مت30-29:59).


عمل الروح القدس

عمل الروح القدس


فهناك تطهير عجيب لا يستطيع غير الله ان يعمله، ألا وهو تطهير القلب من أدران الشر، فعند ما نتوب عن خطايانا ونعترف بها لله يطهر الروح القدس قلوبنا من الأفكار الشريرة والخطايا بدم المسيح الثمين، وليس هناك من يقدر ان يعمل ذلك إلا الروح القدس المبارك.
على ان هناك تطهيرا آخر يطلب الله منا أن نصنعه لأنفسنا فتقرأ فى (2كو1:7) قوله " فإذ لنا هذه المواعيد أيها الأحباء لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة فى خوف الله"، واني اعتقد ان هذا التطهير المطلوب هو الذى تشير إليه الآية القائلة "فان كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك". نعم ينبغي ان يكون هذا تصرفنا بازاء كل ما يتصل بالحياة العتيقة حتى ولو كان ذلك الشئ ثمينا عزيزا او لازما لنا لزوم العين اليمنى او اليد اليمنى، فلا يجب علينا ان نصادقه ونصافيه، بل يجب علينا ان نهجره ونجافيه، نعم ونقطعه قطعا من حياتنا.
فاذا اردنا ان نحفظ هذا القانون الثانى فعلينا ان نقطع كل علاقة تربطنا بالإنسان العتيق وأن نفصل فصلا تاما بيننا وبين كل شئ يعثرنا سواء أكان ملذات أم أصدقاء أم غير ذلك من الأمور التي نحبها. ولقد يعترض على البعض قائلين "إن معنى ذلك اننا نعيش فى الحياة بلا سلاح ولا معين"، ولكن ألا تذكر يا عزيزى قول الكتاب "ان جسدكم هو هيكل للروح القدس الذى فيكم" (1كو19:6)، وما كل ماذكرته لك الا تطهير لذلك الهيكل حتى يحل فيه الروح القدس بكل مائه.

ألا ليت الله يعلمنا ما يطلبه من أنموذج الطهارة سواء فى الأفكار أو الأعمال، وأن يمنحنا ان نحيا حياة الغلبة والانتصار حتى نستطيع ان نحفظ هذا القانون.

2/Post a Comment/Comments

إرسال تعليق